الأمن الغذائي:
كشف تقرير لبرنامج الأغذية العالمي عن تحسن شهري في مستويات استهلاك الغذاء خلال سبتمبر الماضي، حيث انخفضت نسبة الأسر التي أفادت بعدم كفاية استهلاكها للغذاء إلى 60% من 64% في أغسطس. وكان السبب الرئيسي لهذا التحسن المؤقت استئناف برامج المساعدات الغذائية في المناطق الشمالية، وتراجع الفيضانات، ودخول موسم حصاد الحبوب.
ومع ذلك ظل وضع الأمن الغذائي عند مستوى ينذر بالخطر في جميع أنحاء البلاد، حيث صنف (مؤشر الجوع العالمي لعام 2024) اليمنَ كثاني أعلى درجة في العالم. وفي نهاية الربع الثالث من عام 2024م كانت حصة الأسر التي تعاني من استهلاك غير كاف للغذاء أعلى بنسبة 20% مقارنة بالربع نفسه من عام 2023م.
وفي مناطق الحكومة المعترف بها دولياً انخفض الريال اليمني بنسبة 25% على أساس سنوي؛ مما أدى إلى ارتفاع تكاليف سلة الغذاء بنسبة 23%، وارتفاع أسعار الوقود إلى مستويات قياسية بسبب عدم الاستقرار الاقتصادي وتحديات الاستيراد.
السوق والتجارة:
نشرت منظمة (الفاو) تقريراً جديداً بشأن أحوال السوق والتجارة. وجاء في التقرير أن العملة المحلية، في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، واصلت تراجعها مقابل العملات الأجنبية خلال شهر أكتوبر الماضي، بعد أن سجلت بعض علامات الاستقرار المؤقت في شهر سبتمبر الماضي. وعلى مدار عام ونصف العام شهدت العملة المحلية، في مناطق سيطرة الحكومة، انخفاضًا كبيرًا، حيث انخفضت بنسبة 27% على أساس سنوي و35% مقارنة بمتوسط السنوات الثلاث.
ومن أهم أسباب القيمة الضعيفة للريال اليمني استنفاد احتياطيات النقد الأجنبي، والتي تفاقمت بسبب الأزمة المالية المستمرة.
وانخفضت واردات الأغذية عبر موانئ البحر الأحمر بشكل كبير، ربما بسبب الغارات الجوية المستمرة، في حين ظلت أحجام الواردات عبر ميناء عدن مستقرة من شهر لآخر. ففي أكتوبر الماضي شهد ميناء الحديدة انخفاضًا بنسبة 27% وشهد ميناء الصليف انخفاضًا بنسبة 87% مقارنة بشهر سبتمبر. وكان هذا الانخفاض بسبب تجنب المستوردين وخطوط الشحن هذه الموانئ، وتأخير الشحنات بسبب للغارات الجوية المكثفة التي تستهدف البنية التحتية الحيوية. وعلى العكس من ذلك، ظلت واردات القمح عبر ميناء عدن مستقرة.
وبشكل عام كانت واردات القمح عبر الموانئ الثلاثة (الحديدة والصليف وعدن) أقل بنسبة 53% عن شهر سبتمبر وأقل بنسبة 46% عن العام الماضي. تم الإبلاغ عن أكبر انخفاض سنوي في الصليف (73%) وعدن (58%)، بينما شهد ميناء الحديدة انخفاضًا أقل (16%).
وعلى الرغم من انخفاض واردات الغذاء تظل السلع الأساسية والبنزين والديزل متوفرة بشكل كافٍ في معظم الأسواق في جميع أنحاء البلاد بسبب التخزين المسبق الاستباقي من قِبل التجار والمستوردين. ومع ذلك، فإن خطر انقطاع إمدادات الغذاء والوقود إلى مناطق صنعاء قد يزداد إذا استمرت الغارات الجوية وانخفضت الواردات بشكل كبير ومستمر.
المياه والصرف الصحي والنظافة:
في عام 2024م يحتاج 17.4 مليون يمني إلى المساعدة في المياه والصرف الصحي والنظافة، ويواجه ما يقرب من 12.4 مليون شخص تحديات في الوصول إلى مصادر مياه ذات جودة لمنع الأمراض، و20.4 مليون لا يمكنهم الوصول إلى ما يكفي من المياه لتلبية الاحتياجات اليومية الأساسية، بما في ذلك الشرب والاستحمام والطهي. هذه الفجوات تهيئ الساحة لزيادة سوء التغذية واندلاع الأمراض بشكل كبير (بما في ذلك الانتشار المستمر للكوليرا).
الصحة النفسية:
يُقدّر أن 7 ملايين شخص في جميع أنحاء البلاد يحتاجون إلى علاج نفسي ودعم، ويعاني النساء والفتيات في خطر خاص. ورغم الاحتياجات الهائلة، فإن الرعاية النفسية في اليمن نادرة، والحالات النفسية موصومة بشدة. هناك فقط 120,000 شخص لديهم وصول مستمر إلى خدمات الرعاية النفسية، ويوجد 46 طبيباً نفسياً فقط في جميع أنحاء البلاد (1 لكل 700,000 شخص).
وأجبر نقص التمويل بعض خدمات الصحة النفسية على الإغلاق؛ مما حرم الناس من المساعدة التي يحتاجونها بشدة.
النازحون:
يعد قطاع (تنسيق وإدارة المخيمات CCCM) واحداً من أقل القطاعات استجابةً للتمويل في اليمن، حيث بلغ حجم التمويل المستلم (حتى 11 نوفمبر 2024م) 7.8% فقط من إجمالي التمويل المطلوب البالغ 47.2 مليون دولار؛ مما يزيد من تفاقم ظروف الأسر الأكثر ضعفاً في اليمن.
وبسبب نقص التمويل في السنوات السابقة تحول شركاء (CCCM) في اليمن إلى نهج متنقل لتقليل التكاليف. وجرى تقليل وتيرة المراقبة في معظم المواقع، ويركز الشركاء بشكل أساسي على صيانة المواقع والمشاريع التي يقودها المجتمع.
فما بين ديسمبر 2023م وسبتمبر 2024م، فقد 286 موقع نزوح داخلي دعم (CCCM) بسبب نقص التمويل.
وعلى مدار الأشهر الأخيرة، لاحظ شركاء (CCCM) زيادة في انعدام الأمن الغذائي وتدهور في الصرف الصحي والنظافة. ففي محافظة إب، على سبيل المثال، ارتفع انعدام الأمن الغذائي بنسبة 61%.
وزادت احتياجات سوء التغذية، في بعض مواقع النزوح، أكثر من ثلاثة أضعاف منذ 2023م وتدهورت ظروف الصرف الصحي والنظافة، مع زيادة فجوات إدارة النفايات الصلبة، بنسبة 162%، وتضاعف فجوات تعزيز النظافة 9 مرات؛ مما يزيد من خطر الأمراض المعدية مثل الكوليرا.
وفي 248 موقعًا (35% من المواقع المدعومة) لا توجد ميزانيات مخصصة لإدارة المخيمات أو صيانة المواقع. لقد أثرت جهود الاستعداد والاستجابة غير الممولة بشكل كافٍ على قدرة شركاء (CCCM) في التخفيف من تأثير الصدمات المتكررة مثل الحرائق، والفيضانات، والنزاعات، وتفشي الأمراض.
وفي هذا العام أثر العجز في التمويل بشكل كبير على تدابير البنية التحتية، حيث كان على 348 موقعًا أن تذهب بدون تدابير حاسمة للتخفيف من الفيضانات.
ويفتقر 248 موقعًا إلى موظفين مخصصين لإدارة المخيمات أو ميزانيات صيانة المواقع. وسوف يفقد الشركاء دعمهم في 42 موقعًا (55,400 نازح) خلال الربع الأخير من هذا العام.
وسيواجه 70,000 نازح (يعيشون في أكثر من 200 موقع متضرر من الفيضانات) صعوبة في استعادة البنية التحتية الداعمة للحياة.
وبحسب برنامج الأغذية العالمي يعاني أغلب النازحين من أزمة توفير الغذاء، حيث لم يتمكن 64% من الأسر النازحة من تلبية احتياجاتهم الغذائية الدنيا، وارتفعت نسبة الحرمان الشديد من الغذاء إلى 36% في شهر سبتمبر.
وعلى الرغم من نقص التمويل يعمل (CCCM) على دعم 790,000 من أكثر النازحين داخلياً ضعفاً الذين يعيشون في مواقع النزوح.
وثائق الهوية:
بالنسبة للنازحين تعد الوثائق المدنية أكثر من مجرد شكل من أشكال الهوية؛ فهي بوابة للحقوق والخدمات الأساسية. ويحتاج الأطفال إلى شهادات الميلاد للتسجيل في المدرسة، وتحتاج الأسر إلى بطاقات هوية لتلقي المساعدة والتحويلات المالية من الأقارب، ويحتاج البالغون إلى وثائق للتنقل بحرية وإثبات هويتهم عند نقاط التفتيش.
وبدون الوثائق المناسبة لا يستطيع النازحون إثبات ملكيتهم للأصول (كالمنازل والأراضي التي تركوها وراءهم أثناء النزاع). تواجه العديد من الأسر النازحة تحديات في الحصول على الوثائق أو استبدالها؛ لأنها تفتقر إلى الوثائق الداعمة، أو الأوصياء الذكور، أو المعلومات حول عملية التقديم، أو لا تستطيع تحمل تكاليف النقل والوثائق ذات الصلة.
وبحسب دراسة حديثة فإن 51% من الأسر لديهم طفل واحد على الأقل بدون شهادة ميلاد، و70% من الأسر لديهم فرد من أفرادها بدون بطاقة هوية وطنية. ويشكل النساء 21% والرجال 13%، وتبلغ نسبة الأطفال الذكور 33% من إجمالي الأطفال الذين يفتقرون إلى الوثائق و32% من الفتيات.
والوضع ملح بشكل خاص في بعض المناطق مثل مدينة مأرب ووصاب السافل في ذمار.
سد الفجوة:
لا تزال الجهود جارية لسد هذه الفجوة، فمنذ بداية عام 2024م أصدرت (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNHCR) ما يقرب من 5000 بطاقة هوية للنازحين، منها 2300 بطاقة من خلال (برنامج النقد مقابل الهوية) الذي يساعد في تغطية تكاليف النقل والوثائق. وتمكن نحو 400 طفل لاجئ وطالب لجوء من الوصول إلى تسجيل المواليد من خلال هذا البرنامج.
خطة الاستجابة الإنسانية لليمن 2024م:
عدد المحتاجين في 2024م: 18.2 مليون يمني.
عدد المستهدفين: 11.2 مليون شخص.
عدد الذين أمكن الوصول إليهم: 7.8 ملايين.
حالة تمويل خطة الاستجابة الإنسانية (حتى 11 نوفمبر):
إجمالي التمويل المطلوب: 2.71 مليار دولار.
إجمالي التمويل المستلم: 1.30 مليار دولار (48%).
الفجوة في التمويل: 1.41 مليار دولار.
تطور خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن 2016م – 2024م:
خطة الاستجابة الإنسانية | عدد المحتاجين (مليون) | عدد المستهدفين (مليون) | المتطلبات المالية (مليار دولار) |
2024* | 18.2 | 11.2 | 2.8 |
2023** | 21.6 | 17.4 | 4.3 |
2022 | 20.7 | 16 | 3.9 |
2021 | 24.3 | 19 | 3.4 |
2020 | 24 | 15.6 | 3.2 |
2019 | 24 | 15 | 4 |
2018 | 22.2 | 10.8 | 2.5 |
2017 | 18.8 | 10.3 | 1.9 |
2016 | 21.2 | 13.2 | 1.6 |
* أرقام عام 2024م هي تقديرات أولية، وعُرضة للتغيير مع استمرار المشاورات مع السلطات والشركاء.
** تعكس أرقام عام 2023م البيانات الفعلية اعتبارًا من نوفمبر 2023، والتي ربما تكون قد تغيرت منذ إطلاق النظرة العامة على العمل الإنساني العالمي (GHO) لعام 2023م.
اليمن في مؤشر السعادة العالمي 2024م:
جاءت اليمن في المرتبة 133 من بين 143 دولة، وهي مرتبة متدنية جداً. ومن باب المقارنة التوضيحية على المستوى العربي، حلّت الكويت في المركز الـ13 عالمياً والأولى عربياً، وجاء لبنان في المرتبة 142 عالمياً وهي قبل الأخيرة، حيث كانت أفغانستان في نهاية المؤشر (المرتبة 143).
ويصدر التقرير بالشراكة بين (مؤسسة غالوب، ومركز أكسفورد لأبحاث الرفاهية، وشبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة). ويعتمد على بيانات المسح العالمية المستقاة من أشخاص في 143 دولة. وتصنّف السعادة في كل دولة بناءً على متوسط تقييمات الحياة الخاصة بها على مدى السنوات الثلاث السابقة، أي بين عامي 2021م و2023م. ويبحث التقرير في ستة متغيرات رئيسية للمساعدة بتفسير تقييمات الحياة، وهي: الناتج المحلي الإجمالي للفرد، والدعم الاجتماعي، ومتوسط العمر الصحي، والحرية، والكرم، وتصورات الفساد.
—————————
المصادر:
* آخر المستجدات الإنسانية في اليمن، العدد 7، أكتوبر 2024م. مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA).
* تحديث الأمن الغذائي في اليمن. برنامج الأغذية العالمي، أكتوبر 2024م.
* مؤشر السعادة العالمي 2024م. مؤسسة غالوب، ومركز أكسفورد لأبحاث الرفاهية، وشبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة.
* نشرة السوق والتجارة اليمنية. منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، 12 نوفمبر 2024م.
مواقع إنترنت:
* موقع (نظرة عامة على العمل الإنساني العالمي GHO):
https://humanitarianaction.info/plan/1193#page-title
* الموقع العربي لشبكة (CNN) الإخبارية الأمريكية:
https://arabic.cnn.com/travel/article/2024/03/21/worlds-happiest-countries-2024-wellness