-
بقلم: محمد باوزير
في عام 1404هـ – 1984م
كانت للداعية الهندي الكبير الشيخ أبي الحسن الندوي رحمه الله زيارة لليمن إلتقى فيها رئيس الدولة وكبار المسؤولين وحظي بحفاوة كبيرة من علماء ومثقفي اليمن. وفي قاعة جامعة صنعاء كان خطابه الأول في اليمن.
وفيه كانت المساومة، حيث غصت القاعة بالطلاب والمثقفين من أهل صنعاء وجلس علي الأرض عدد كبير ممن لم يجدوا لهم مكاناً علي الكراسي، واكتظت الساحة ايضا بالحضور.
كان مما قال لهم: هل تعرفون الشلال المعروف الذي يتدفق من آلاف السنين في كندا “شلالات نياجرا” والذي يعد من عجائب العالم السبعة! إنني قد زرته وهو ينزل من فوق ارتفاع 108م. وإن تلك البلاد قد وفقت لتستخدم هذا الشلال الطبيعي في صالح الانسانية فتأخذ منه القوة الكهربائية وليس لهذا الشلال إلا هذا العمل، وليس للمجتمع وتلك البلاد إلا هذه العقلية.
ثم قال:
ولكني اريد أن احدثكم عن شلال لا يقاس به هذا الشلال الكندي في القوة والتأثير، ذلك هو شلال الإيمان والغخلاص الذي أكرم الله به هذه الأمة الإسلامية بصفة عامة، وأكرم به بلادكم بصفة خاصة، وشهد بهذا الاختصاص رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أتاكم أهل اليمن، أرق افئدة، وألين قلوباً، الإيمان يمان، والفقه يمان، والحكمة يمانية” صحيح البخاري.
إن الدول الكبيرة والمتحضرة عندها كل شي، ولكنها لا تملك هذا الشلال الإيماني، هذا الحرمان هو الذي أنتج عندهم المادية الراعنة، والقومية الشقية، والأنانية البغيضة.
ثم خاطب شباب اليمن بقوله:
اعرفوا نفوسكم أيها الشباب، إذا عرفتموها فقد عثرتم على الكنز الدفين وعلى شلال قوي هو أقوى شلال في العالم، الشلال الإيماني الذي تستطيعون أن تقتبسوا منه التيار الكهربائي الذي ينير العالم كله، كما أناره من سلفكم لما اقتبسوا هذا التيار من صدورهم المليئة بالإيمان وحملوه إلى أقصى الشرق والغرب.
إخواني..
إن لسان النبوة لما وصفكم بالإيمان والفقه والحكمة فإنه لا يكون مؤقتاً، بل خالداً في كل عصر، وأنتم بدوركم تغارون على هذه الشهادة والكرامة.
ثم ساومهم بقوله:
إن كثيرا من الشعوب الإسلامية مستعدة للمساومة والمبادلة معكم، أعطوها هذه الشهادة بالإيمان والفقه والحكمة وخذوا منها ما شئتم، وأنا أقول بلسان مسلمي الهند على الأقل: خذوا منا ما شئتم من حضارة وعلوم وثروات وأعطونا هذه الكرامة التي أكرمكم الله بها.