مستجدات التداعيات الإنسانية لتغيرات المناخ في اليمن

تشهد اليمن بوتيرة متسارعة، منذ منتصف شهر يوليو الماضي، هطول الأمطار بكميات كبيرة تحولت إلى سيول جارفة، غمرت المدن والقرى والسهول والوديان اليمنية.

وغالبًا ما يقتصر تأثير المنخفض الجوي في اليمن، على جزء جغرافي بعينه، لكن هذه المرة توسّع في مناطق عديدة في أنحاء البلاد باستثناء بعض الأجزاء.

وتأتي الحالة اليمنية في ظل تحذير عالمي من تغيرات مناخية تتأثر بها الكرة الأرضية. ومن الممكن أن يكون ما يشهده المناخ اليمني مؤشرًا على احتمالية بدء تأثُّر البلد بشكل فعلي بالتغييرات المناخية.

ولا تزال التداعيات الإنسانية، الناتجة عن هذه الكوارث، مستمرة ومتصاعدة من حيث الأضرار البشرية والمادية.

المحويت:

وكان لمحافظة المحويت نصيب وافر من هذه الكوارث، حيث أدت الأمطار الغزيرة، في مديرية ملحان شمال المحافظة، في مساء يوم 27 أغسطس الماضي، إلى سيول جارفة وانزلاقات أرضية وانهيارات صخرية، وتضررت 9 عُزل على الأقل.

واعلنت السلطة المحلية، مديرية ملحان منطقة منكوبة ووجهت نداء استغاثة لإنقاذ العالقين والمتضررين والمفقودين.

وبحسب التقديرات الرسمية لحكومة صنعاء، يوم الأربعاء الماضي 28 أغسطس، توفي 33 مواطناً في مديرية ملحان.

لكن تقديرات صندوق الأمم المتحدة للسكان (UNFPA)، يوم الخميس الماضي 29 أغسطس، تفيد أن 24 شخصاً توفوا، ولا يزال 17 آخرين في عداد المفقودين، وتشير تقديرات أخرى إلى أن 38 شخصاً لا يزالون في عداد المفقودين.

ويوم الخميس الماضي 29 أغسطس توفي 3 فتيات غرقاً بمياه السيول في (قرية بيت الجبري) بـ(عزلة بني البدي) (مديرية الرجم).

أضرار بشرية ومادية:

وبخصوص الأضرار البشرية الأخرى قال صندوق الأمم المتحدة للسكان: إن 1020 عائلة تضررت، ونزح 215 أسرة على الأقل ضمن نطاق مديرية ملحان وهم حاليًا مقيمين في مدرستين. ومن المرجح أن يرتفع العدد في ظل عدم تمكن عدة أُسر من الانتقال إلى مواقع أخرى بسبب الطرق المتضررة أو المقطوعة.

أما الأضرار المادية فنشير التقييمات المستمرة إلى دمار 40 منزلاً بشكل كلي و230 بشكل جزئي. وذكرت مصادر إعلامية أن 16 منزلاً تهدمت بشكل كامل في (عزلة همدان)، وتهدم نصف مبنى مدرسة في (قرية شحط صحن)، ويًقدر عدد المواشي النافقة في القرية 57 رأساً من البقر والأغنام.

وفي (عزلة القبلة) بلغ عدد المنازل المنجرفة 12 منزلاً، و7 خزانات ماء، و4 محلات تجارية، و8 سيارات.

وفي (عزلة المعازبة) تضرر أكثر من 15 محلًا تجاريًا في (سوق الولجة) المعروف بـ(سوق الأحد)، وأضرار كبيرة في المدرجات الزراعية، ودمار لخزانات المياه.

وفي (عزلة شرقي الغزاونة) جرفت السيول جزءاً كبيراً من السوق، وتهدم أحد المنازل.

محافظة الحديدة:

تعد محافظة الحديدة الأكثر تأثراً بالأمطار والفيضانات. ولأول مرة منذ عشرات السنين وصلت سيول الأمطار الغزيرة إلى المدخل الشمالي لمدينة الحديدة يوم الأربعاء الماضي ٢٨ أغسطس.

وقال الصحفي بسيم الجناني: إن مواطنين محاصرين داخل المنازل في منطقة الأحواض وأبو حلفة بمدينة الحديدة. وغرق عشرات المنازل داخل منطقة الأحواض والمحرقة المقابلة للميناء.

وذكرت التقديرات الرسمية لحكومة صنعاء، أمس الجمعة 30 أغسطس أن عدد ضحايا السيول والأمطار في محافظة الحديدة ارتفع إلى 84 حالة وفاة و25 مصاباً.

وأكد (الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب والهلال الأحمر) أن الفيضانات في محافظة الحديدة ألحقت أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً والبنية التحتية، حيث “أدت إلى تدمير عدد كبير من المنازل الطينية والخيام والملاجئ المؤقتة، ومصادر المياه والطرق، ومرافق الرعاية الصحية وتعطيل سبل العيش، وغمر الأراضي الزراعية، ونفوق أعداد من الثروة الحيوانية، وتهديد الأمن الغذائي، ونقل الذخائر غير المنفجرة إلى المناطق السكنية مما تسبب في ارتفاع المخاطر على حياة الأشخاص والعاملين في المجال الإنساني”.

ونشرت حكومة صنعاء، يوم 22 أغسطس، إحصائية بالأضرار في المحافظة وقالت: إن نحو 13 ألف أسرة تضررت في القرى والمناطق التهامية، خاصة التي تقع بالقرب من الأودية، ونزحت نحو 2200 أسرة من قراها بعد تهدم منازلها بشكل كلي.

وتضرر 3357 منزلاً بشكل كلي و5519 منزلاً بشكل جزئي، وجرفت السيول 6522 منزلاً مبنية من العش، وأكثر من 2000 منزل آخر بعضها مبني بالأحجار.

ولحقت الأضرار بالأراضي الزراعية والثروة الحيوانية، حيث أدت السيول إلى جرف مساحات شاسعة من الحقول الزراعية والتي يجري تقييم وحصر أضرارها بشكل شامل، من بينها 390 حقلاً لمحاصيل زراعية بمديرية المنصورية، ونفوق 1391 من مواشي الأغنام، و54 بقرة، و8403 خلية نحل.

وجرفت السيول 1337 طريقاً رملياً في مختلف مديريات المحافظة، و32 طريقاً اسفلتياً، و21 عبارة تصريف مياه أمطار، وتضرر 19 جسراً حيوياً، و18 وسيلة نقل.

وتضررت خطوط التيار الكهربائي، بالإضافة لأضرار لحقت بأحواض مجاري الصرف الصحي بمدينة الحديدة؛ وهذا يشكل مخاطر صحية وبيئية بسبب اختلاط أحواض الترسيب بالأكسدة.

محافظة ذمار:

أعلنت وزارة الصحة في صنعاء، اليوم السبت 31 أغسطس، عن مقتل 27 شخصاً وإصابة 6 آخرين وفقدان العشرات؛ بسبب السيول التي اجتاحت منطقة وصاب أمس الجمعة.

ونتج عن الأمطار الغزيرة انهيار حاجز مائي، وأفضى ذلك إلى تفاقم السيول وجرف منازل في (قرية الجرف) بـ(عزلة بني موسى)، وتشرد أكثر من 21 أسرة من المنطقة.

محافظة ريمة:

تسببت الأمطار والسيول في وفاة 6 أشخاص وتهدم 430 منزلًا بين تهدم كلي وجزئي، وانقطاع 45 طريقاً، وانجراف مساحات واسعة من الأراضي الزراعية بمحاصيلها من البن والمانجو والذرة.

محافظة حجة:

أفادت مصادر محلية في محافظة حجة أن 39 شخصاً توفوا، وأصيب 40 آخرون بسبب السيول والانهيارات والصواعق الرعدية التي شهدتها المحافظة خلال الفترة بين 5 أغسطس و30 أغسطس.

جديد الإحصائيات في عموم البلاد:

أفاد تقرير الطوارئ الصادر عن (الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب والهلال الأحمر IFRC)، يوم 27 أغسطس، أن الأمطار الغزيرة والفيضانات الجارفة ألحقت أضراراً مباشرة بأكثر من 341 ألف مواطن، ودُمرت عشرات المنازل والملاجئ المؤقتة للنازحين والبنية التحتية.

وقال: “وفقاً للتقييمات الأولية، فقد تأثرت حوالي 48,755 أسرة (تتكون من 341,285 شخصاً) بشكل مباشر بالأمطار والفيضانات التي ضربت البلاد، في الفترة من 28 يوليو إلى 14 أغسطس 2024”.

وبحسب التقييمات الأولية، التي أجرتها جمعية الهلال الأحمر اليمني (YRCS)، خلال هذه الفترة، تضررت 12,915 أسرة في محافظة الحديدة، وتليها مأرب بـ 12,305 أسرة متضررة، ثم حجة 10,480 أسرة، ثم تعز 6494 أسرة، وتوفي 15 شخصاً، ثم صعدة 3451 أسرة، وحالتا وفاة، ثم الجوف 1740 أسرة، ثم إب 1370 أسرة.

الصواعق الرعدية:

ارتفعت حوادث الصواعق الرعدية في عدد من المحافظات، منذ مطلع يوليو الماضي وحتى يوم 28 أغسطس، حيث تُوفي 59 شخصاً، بينهم نساء وأطفال، وأصيب 22 آخرون.

الاستجابة الإنسانية في المحويت:

قال (مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية): إن معظم شركاء العمل الإنساني لم يتمكنوا، حتى 29 أغسطس، من الوصول إلى المواقع المتضررة سبب سوء حالة الطرق.

ومع كانت هناك محاولات إغاثية، فقد قام صندوق الأمم المتحدة للسكان بحشد 1000 من مجموعة مواد آلية الاستجابة السريعة من صنعاء إلى مدينة المحويت لتغطية الاحتياجات الطارئة واحتياجات النزوح المحتمل. وفي 29 أغسطس دعم شركاء آلية الاستجابة السريعة 45 أسرة متضررة ومن المقرر القيام بالمزيد من عمليات التوزيع في 30 أغسطس.

وقال المكتب: إنه سيقوم بقيادة زيارة مشتركة بين الوكالات إلى المحويت، يوم الأحد القادم 1 سبتمبر؛ لتقييم الاحتياجات في المواقع المتضررة من مديرية ملحان. وستكون الاحتياجات الإنسانية عاجلة حين تصبح الطُرق مفتوحة وآمنة وتتاح المزيد من المعلومات.

الاستجابة الإنسانية في عموم المحافظات المتضررة:

أشار تقرير (الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب والهلال الأحمر) إلى أن (جمعية الهلال الأحمر اليمني)، وبدعم من الاتحاد الدولي بادرت إلى الاستجابة، عبر توفير المواد المنزلية الأساسية لـ 5484 أسرة متضررة، وتوزيع طرود غذائية لـ 2030 أسرة، ومشمعات وناموسيات لـ 1212 أسرة.

وأطلق الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب والهلال الأحمر، نداءً عاجلاً بجمع 20 مليون فرنك سويسري لمتطلبات التمويل، سيتم تعبئتها وتوجيهها إلى جمعية الهلال الأحمر اليمني للاستجابة لحالة الطوارئ وتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة لنحو 600 ألف شخص ودعم المجتمعات المتضررة في اليمن.

وستركز المساعدات على الذين دُمرت منازلهم ومآويهم المؤقتة بشكل كلي أو جزئي، والذين تأثرت سبل عيشهم، والذين يحتاجون إلى خدمات المياه والإصحاح والنهوض بالنظافة، والمعرضين لآثر الفيضانات المتوقعة، والمعرضين لخطر الذخائر غير المنفجرة.

وضع النازحين:

محافظة مأرب:

قالت منظمة الهجرة الدولية (IOM): إن 9150 أسرة نازحة في محافظة مأرب تضررت بسبب الفيضانات، وبحاجة ماسة للمساعدة الإغاثية الفورية.

وقال المكتب الإقليمي للمنظمة: إن أكثر من 7800 مأوى للنازحين تعرضت لتدمير جزئي، وتضرر ما يقرب من 1350 مأوى بالكامل، وذلك في المواقع التي تديرها المنظمة في المحافظة.

وأكدت أنها قدمت مساعدات إغاثية طارئة لنحو 3500 أسرة نازحة متضررة حتى الآن، “لكن ومع التوقعات بحدوث المزيد من العواصف، لا يزال الوضع حرجاً”.

أما منظمة الصحة العالمية فقد قالت، يوم 27 أغسطس،: إن أكثر من 8400 عائلة نازحة في محافظة مأرب وجدت نفسَها فجأة دون مكان تلتجئ إليه بعد تدمير 6700 مأوى.

محافظة أبين:

كشفت الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين أن محافظة أبين تعرضت لأمطار غزيرة وفيضانات مفاجئة ورياح قوية، في يومي 16 و17 أغسطس، حيث تأثرت 303 أسر نازحة.

وحسب المعلومات الأولية فإن الأضرار تشمل 44 أسرة في (كدمة لَعُور)، 69 أسرة في (وادي الكُد)، و20 أسرة في (المخزن)، و20 أسرة في (النش)، و150 أسرة في (جول سنان وجول السادة في جعار مديرية خنفر).

وتسببت الأمطار الغزيرة والفيضانات والرياح القوية في تدمير العديد من المساكن؛ مما جعل الأسر، بما في ذلك النازحة وأفراد المجتمع المضيف، بلا مأوى وفي وضع هش.

محافظة تعز:

وفي محافظة تعز تسببت الأمطار الغزيرة والفيضانات، في يومي 17 و18 أغسطس، في تدمير شديد للملاجئ والمواد غير الغذائية (NFIs) وإمدادات الغذاء للنازحين داخلياً في مديريتي القاهرة وصالة.

ووفقاً لتقرير الوحدة التنفيذية تأثر 242 نازحاً يعيشون في 9 مواقع في مديرية القاهرة وموقع واحد في مديرية صالة.

وأكدت الوحدة التنفيذية أن الأسر النازحة بحاجة ماسة حالياً إلى الغذاء والمأوى والمواد غير الغذائية والمساعدات الطبية.

محافظة حضرموت:

وفي محافظة حضرموت أدت الفيضانات، في يومي 13 و20 أغسطس، إلى تدمير جزئي وكامل لمساكن 222 أسرة نازحة في مناطق (العبر، والسوم، والمكلا، والريدة، وقصيعر).

محافظة شبوة:

تعرضت مناطق (عسيلان وعتق وعرماء) لفيضانات، يوم 20 أغسطس؛ مما أثر على 254 أسرة نازحة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصادر:

* تحديث: تقرير عن الأضرار التي خلفتها الأمطار الغزيرة والسيول في مخيمات النازحين بمحافظة أبين. الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين، 23 أغسطس 2024م.

* تقرير عن الأضرار التي خلفتها الأمطار والسيول في مخيمات النازحين بمديريتي القاهرة وصالة بمحافظة تعز، الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين، 18 أغسطس 2024م.

* تقرير عن الأضرار التي خلفتها الأمطار والسيول في مخيمات النازحين بمحافظة شبوة. الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين، 20 أغسطس 2024م.

* تقرير عن الأضرار التي خلفتها الأمطار والسيول في مخيمات النازحين بمحافظة حضرموت. الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين، 20 أغسطس 2024م.

* مستجدات السيول في مديرية ملحان، محافظة المحويت، العدد 3. مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، 29 أغسطس 2024م.

* نداء طوارئ، رقم MDRYE014. الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب والهلال الأحمر (IFRC)، 28 أغسطس 2024م.