أولاً: الوضع الإنساني والاقتصادي:
لا يزال الوضع الإنساني والاقتصادي في اليمن بالغ الصعوبة، إذ يقول المنسق المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن، جوليان هارنييس: إن اليمن يواجه وضعًا إنسانيًا هائلًا. فمن حيث الأعداد المطلقة، لديه ثاني أكبر عدد من الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية، ولديه ثاني أكبر عدد من الأشخاص الذين لا يمكنهم الوصول إلى الخدمات الصحية، “وذلك من حيث الأعداد المطلقة وليس النسب المئوية”. كما أن لديه ثالث أكبر عدد من الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي في العالم. وتوقع المسؤول الأممي أن يرتفع هذا العدد إلى 19 مليون في عام 2025م.
وذكرت مصادر إعلامية أن الأمم المتحدة تفتقر، حتى اللحظة، للمعلومات والبيانات الكافية حول تطورات الوضع الإنساني في اليمن.
ومن المتوقع أن يظل الاقتصاد اليمني يعاني من عجز مالي حاد؛ بسبب استمرار توقف صادرات النفط، الذي كان يشكل المصدر الرئيسي للإيرادات الحكومية.
وسيؤدي غياب الإيرادات إلى عجز متواصل في الوفاء بالالتزامات المالية الأساسية، مثل المرتبات ومستحقات الموردين.
وتشير التوقعات إلى أن الريال اليمني سيشهد مزيداً من التدهور أمام العملات الأجنبية؛ بسبب استمرار الحرب والانقسام النقدي بين طرفي الصراع.
كذلك ستستمر معدلات التضخم في الارتفاع نتيجة انخفاض قيمة العملة وزيادة الاعتماد على الواردات؛ ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية والخدمات.
ويقول صندوق النقد الدولي: إن النزاع في الشرق الأوسط خلال العام الماضي أدى “إلى تفاقم الأزمة الإنسانية الحرجة أصلًا في اليمن. كذلك أدّى التراجعُ في تقديم المساعدات، وتعطيل تنفيذ العمليات الإنسانية إلى ترْك أكثر من 17 مليون شخص يواجهون انعدام الأمن الغذائي، وانتشار سوء التغذية على نطاق واسع، وازدياد عدد الأمراض التي يمكن الوقاية منها”.
وقال في بيان صحفي: إن الأوضاع الاقتصادية استمرّت في التدهور، “مع استمرار انكماش إجمالي الناتج المحلي وإيرادات الدخل الحقيقية في العام 2024 بسبب الانخفاض الكبير في قيمة الريال اليمني، وتوقُّف صادرات النفط ومحدودية التمويل الخارجي، وارتفاع نسبة التضخم. ولا يزالُ كلٌّ من مركز المالية العامة ومركز الأصول الخارجية يعاني من ضغط شديد، مع انخفاض الاحتياطيات إلى مستويات حرجة، واستمرار مبلغ المتأخرات في الارتفاع.
وقال أيضاً: إن “الجمود السياسي المستمر يُلقي بظلاله على الآفاق الاقتصادية لليمن على المدى القريب؛ إذ لا يزال من المتوقَّع أن ينكمشَ الاقتصادُ في العام 2025م”.
ويستدرك الصندوق قائلاً: إنّ “وقفَ إطلاق النار، الذي أُعلن عنه مؤخّرًا في قطاع غزة، قد بعث بارقة أمل في تخفيف التوتُّرات الجغرافية السياسية (الجيوسياسية) على المستوى الإقليمي. ومن شأن الاستفادة من هذه التطورات، واستئناف الحوار الداخلي اليمني لتحقيق سلام دائم، إلى جانب مواصلة إصلاح السياسات أن تُساعد كلها على تحسين آفاق الاقتصاد اليمني”.
وبحسب الصندوق فإن الأولوياتُ الرئيسية لإنعاش النمو ولتوليد الإيرادات وزيادة الاحتياطيات الأجنبية، تكمن في “توحيدَ العملة، واستئنافَ الصادرات النفطية التي ولَّدت أكثرَ من نصف الإيرادات الحكومية قبل تعليقها في العام 2022م”.
متوسط تغير أسعار الصرف منذ عام 2016م:
السنة | سعر الدولار (بالريال اليمني) | |
في مناطق الحكومة اليمنية | في المناطق الشمالية | |
2016 | 284 | 292 |
2017 | 361 | 356 |
2018 | 489 | 484 |
2019 | 536 | 533 |
2020 | 693 | 598 |
2021 | 1320 | 601 |
2022 | 1028 | 551 |
2023 | 1287 | 528 |
2024 | 2052 | 531 |
ثانياً: ملخص الوضع الإنساني في 2024م:
في 2024م تغيرت مجالات الهشاشة وشدة الاحتياجات بشكل كبير في جميع أنحاء البلاد مقارنة بعام 2023م. فقد شهدت أكثر من ربع المديريات (87 مديرية) تحسناً في الوضع الإنساني؛ مما يؤكد على التأثيرات الإيجابية للمساعدات الإنسانية المستدامة والنوعية. وكان العامل الحاسم الآخر هو الانخفاض المستمر في مستويات الصراع النشط؛ مما أدى إلى انخفاض النزوح المرتبط بالصراع، وتعزيز حرية التنقل للمدنيين، وفتح الطرق وتحسين الوصول إلى التجارة والخدمات العامة على طول خطوط المواجهة الرئيسية مثل تعز ومأرب.
ومع ذلك، ظلت مستويات الشدة كما هي في نصف المديريات (187 مديرية) وتفاقمت في 59 مديرية.
وقد شهد بعضها تدهورًا كبيرًا (انخفض إلى مستوى الشدة 4). ويمكن أن يعزى ذلك إلى توقف أو تعطيل المساعدة في القطاعات الحيوية مثل الأمن الغذائي والزراعة والمأوى وتنسيق وإدارة المخيمات (CCCM)، وخاصة في المناطق الريفية.
ويعيش 9.5 ملايين شخص في 123 منطقة مصنفة على أنها من المستوى الرابع (شديدة الخطورة) في عام 2024م. و10 ملايين شخص آخرين في يعيشون في 210 مناطق مصنفة في المستوى الثالث (شديدة الخطورة).
وفي عام 2024م تم تحديد أكثر من 300 ألف فرد على أنهم يحتاجون إلى وثائق مدنية للوصول إلى الخدمات الأساسية، بزيادة قدرها 50% مقارنة بعام 2023م.
وكشف عام 2024م عن ارتفاع كبير في التهديدات بإخلاء النازحين في جميع أنحاء اليمن، وأن 93% من الأسرة النازحة غير قادرة على الاستمرار في دفع الإيجار.
الوضع الصحي:
تحملت اليمن العبء الأكبر من وباء الكوليرا على مستوى العالم، فقد أفادت منظمة الصحة العالمية أن اليمن تمثل 35% من العبء العالمي للكوليرا و18% من الوفيات المبلغ عنها على مستوى العالم.
وتجاوزت حالات الإسهال المائي الحاد المشتبه بها والكوليرا نحو 253,000 حالة مشبه بها، و670 حالة وفاة مرتبطة، مع نهاية شهر ديسمبر 2024م.
ويعاني اليمن من أعلى معدلات وفيات الأمهات إقليمياً حيث يبلغ 183 حالة وفاة لكل 100 ألف ولادة حية.
المنشآت الصحية:
22% (من أصل 5345 منشأة صحية تم تقييمها) كانت تعمل جزئيًا، و5% كانت غير عاملة، وجرى تشغيل 3241 منشأة بكامل طاقتها من قِبل شركاء الصحة. وتفتقر أكثر من 40 في المائة من مواقع النازحين داخليًا إلى المراحيض، مما يؤدي إلى التغوط في العراء
الفيضانات:
اليمن معرضة بشكل كبير للكوارث الناجمة عن المناخ، بما في ذلك الفيضانات والجفاف وغيرها من الأحداث الجوية الخطرة، والتي تشكل مخاطر متزايدة على الوضع الإنساني الهش بالفعل.
ويصنف (مؤشر المخاطر INFORM) اليمنَ في المرتبة الثالثة عالمياً من بين أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ، وفي المرتبة الرابعة بين أكثر البلدان عرضة للخطر على مستوى العالم في مواجهة الأزمات والكوارث الإنسانية،
وكانت الفيضانات الغزيرة شديدة بشكل خاص في عام 2024م، حيث أثرت على 1.3 مليون شخص، بزيادة قدرها 61% مقارنة بعام 2023م. بما في ذلك مقتل 427 شخصاً.
وأصبحت حالات الطوارئ المرتبطة بالمناخ السبب الرئيسي للنزوح الجديد داخل البلاد، حيث نزح 492,877 شخص بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ (93% من إجمالي النزوح في عام 2024م).
وتتسبب الفيضانات في تعطيل الإنتاج الزراعي؛ مما يؤدي إلى تفاقم أزمة انعدام الأمن الغذائي الحادة بالفعل في البلاد. وتستمر الصدمات المناخية الأخرى في إرهاق قدرة الناس على الصمود.
ويتعرض حوالي 50% من سكان اليمن لخطر مناخي كبير واحد على الأقل مثل الحرارة الشديدة أو الجفاف أو الفيضانات، في ظل السيناريوهات المناخية المتشائمة.
وقد ينخفض الناتج المحلي الإجمالي لليمن بمعدل 3.9% بحلول عام 2040م. وبحلول عام 2050، من المتوقع أن تصل تكاليف الصحة الزائدة، بسبب القضايا الصحية المرتبطة بالمناخ، إلى 5 مليارات دولار.
المهاجرون واللاجئون:
في عام 2024م كان في اليمن ما يقرب من 132,330 مهاجرًا و60,000 لاجئ وطالب لجوء، وغالبيتهم من إثيوبيا والصومال.
ثالثاً: ملخص الوضع الإنساني في 2025م:
أكثر من 80% من اليمنيين يعيشون في فقر متعدد الأبعاد.
17 مليون شخص قد يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد (ما يقرب من نصف سكان البلاد).
5 ملايين شخص قد يعانون من مستويات الطوارئ في انعدام الأمن الغذائي.
6.2 ملايين امرأة وفتاة معرضات لخطر العنف القائم على النوع الاجتماعي.
90% من المناطق الريفية تفتقر إلى خدمات دعم العنف القائم على النوع الاجتماعي.
عدد المحتاجين في اليمن (2013م – 2025م):
السنة | عدد المحتاجين (مليون نسمة) |
2013 | 13.1 |
2014 | 14.7 |
2015 | 21.1 |
2016 | 21.2. |
2017 | 18.8 |
2018 | 22.2 |
2019 | 24.1 |
2020 | 24.3 |
2021 | 20.7 |
2022 | 23.4 |
2023 | 21.6 |
2024 | 18.2 |
2025 | 19.5 |
الصحة:
3.5 ملايين طفل دون سن الخامسة يواجهون سوء التغذية الحاد.
537,892 طفلاً دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية الحاد، مما يجعلهم أكثر عرضة للوفاة بنسبة 9 إلى 12 مرة من الأطفال الذين يتمتعون بتغذية جيدة.
1.3 مليون امرأة حامل وأم جديدة تعاني من سوء التغذية.
6 من كل 10 ولادات تتم بدون قابلة ماهرة.
4 من كل 10 نساء لا يتلقين رعاية ما قبل الولادة من مقدم رعاية ماهر.
التعليم:
3.2 ملايين طفل لا يذهبون إلى المدارس.
1.6 مليون طفل في سن الدراسة يعيشون في حالة نزوح طويلة الأمد.
65% من المعلمين لا يستلمون رواتب أو حوافز.
النزوح:
4.8 ملايين شخص، معظمهم من النساء والأطفال، لا يزالون نازحين داخلياً.
1.6 مليون نازح يقيمون في مواقع نزوح غير رسمية، وأغلبهم من المهمشين.
1.9 مليون نازح داخلي يفتقرون إلى إمكانية الوصول إلى خدمات الصرف الصحي الكافية.
40% من مواقع النازحين معرضة لخطر كبير من الحرائق والفيضانات.
308 ألف شخص معرضون لخطر الإخلاء بسبب ارتفاع الإيجار
حركة النزوح في اليمن (2019م – 2025م):
السنة | عدد النازحين (بالمليون) |
2019 | 3.3 |
2020 | 3.6 |
2021 | 4 |
2022 | 4.3 |
2023 | 4.5 |
2024 | 4.6 |
2025 | 4.8 |
ذوو الإعاقة:
بناءً على تقديرات منظمة الصحة العالمية تبلغ نسبة الإعاقة في اليمن 15%، حيث يعاني 5.2 ملايين شخص من شكل من أشكال الإعاقة.
ومن المرجح أن يكون الرقم الفعلي أعلى من ذلك بكثير بسبب آثار الصراع، مثل انتشار الألغام الأرضية ومخلفات الحرب القابلة للانفجار.
ويظل الأشخاص ذوو الإعاقة مهمشين ويعانون من مستويات عالية من التمييز والحرمان.
وهناك 43% من نقاط توزيع المواد غير الغذائية والمراحيض والحمامات ونقاط المياه غير متاحة للنازحين ذوي الإعاقة.
أزمة المياه:
اليمن من بين أكثر البلدان ندرة في المياه، ولا يزال توافر المياه في انخفاض مستمر. وتساهم الممارسات الزراعية غير المستدامة، مثل حفر الآبار غير المنظم للري، في استنزاف موارد المياه وتدهور التربة.
ويتم استخراج المياه الجوفية في اليمن بمعدل ضعف معدل التجديد الطبيعي، حيث تشهد الأحواض الحرجة استنزافًا يتراوح من 3 إلى 8 أمتار سنويًا.
وبحسب التوقعات فإن احتياطيات المياه الجوفية سوف تنضب قبل عام 2050م، ويتسارع ذلك بشكل أكبر بسبب تغير المناخ.
ويعتمد نحو 70% من سكان اليمن على الزراعة التي تعتمد بشكل كبير على هذه الموارد المائية المتناقصة.
الأهداف الإستراتيجية لخطة الاستجابة الإنسانية 2025م في اليمن:
* الهدف الإستراتيجي الأول (1.94 مليار دولار):
خفض معدلات الإصابة بالأمراض والوفيات المرتبطة بالأزمات، من خلال تقديم المساعدات والخدمات المنقذة للحياة ذات الأولوية والمستهدفة والمتكاملة ومتعددة القطاعات لمن هم في أمس الحاجة إليها، وضمان السلامة والمساواة والشمول.
* الهدف الإستراتيجي الثاني (305 ملاين دولار):
تحسين والحفاظ على الوصول غير التمييزي إلى الخدمات الأساسية، وبناء القدرة على الصمود، والمساهمة في إيجاد حلول مستدامة للأشخاص الضعفاء.
* الهدف الإستراتيجي الثالث (227 مليون دولار):
تحسين حماية وكرامة السكان الأكثر ضعفًا المتضررين من الأزمات، من خلال ضمان المساعدات والحلول الإنسانية في الوقت المناسب والمبدئية وغير التمييزية من خلال تعزيز المعايير والمقاييس الدولية.
—————————————————————-
المصادر:
* الاحتياجات الإنسانية في اليمن والاستجابة لها في عام 2024: العدد 9، ديسمبر 2024م، نظرة عامة على العام. مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.
* آلية الاستجابة السريعة – الاستجابة الأولية، لمحة سنوية لآلية الاستجابة السريعة (يناير – ديسمبر 2024م).صندوق الأمم المتحدة للسكان.
* خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن 2025م. مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا).
* اليمن: ملخص الاستجابة لكتلة المياه والنظافة والإصحاح البيئي (يناير – ديسمبر 2024م). كتلة المياه والصرف الصحي والنظافة، تاريخ الإصدار: يناير 2025م.
مواقع منظمات:
* موقع صندوق النقد الدولي، 23 يناير 2025م:
imf.org/ar/News/Articles/2025/01/23/pr25015-yemen-imf-staff-concludes-visit
* موقع مكتب الأمم المتحدة في اليمن (المؤتمر الصحفي للمنسق المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن، جوليان هارنييس، ونائبة المتحدثة باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفاني تريمبلاي، في ٢٧ ديسمبر ٢٠٢٤م):
مواقع إعلامية:
* الجزيرة نت، 23 يناير 2025م:
* صحيفة الشرق الأوسط، 13 يناير 2025م:
* عربي 21، 30 ديسمبر 2024م: