5 أغسطس 2024م:
تُعد اليمن من بين الدول التي تعاني من تحديات مرَضية، بما في ذلك الأمراض المرتبطة بالصحة النفسية التي لم تشهد خدماتها أي تحسن ملحوظ مقارنة بالبرامج الصحية الأخرى وفقاً للإستراتيجية الوطنية للصحة النفسية في اليمن 2022- 2026م التي أصدرتها وزارة الصحة العامة والسكان اليمنية في عدن ومنظمة الصحة العالمية.
وإلى جانب انهيار قطاع الصحة في اليمن فإن الصحة النفسية والعقلية تعاني قلة الاهتمام الحكومي والدولي ونقصاً في التمويل ونقصاً في الكوادر الطبية المتخصصة، إلى جانب الإهمال المجتمعي ونقص الوعي بأهميتها، وانتشار عادات التعامل غير العلمية مع المرضى، والتي تصل إلى الشعوذة والخرافات.
واقع الصحة النفسية:
قالت منظمة الصحة العالمية: إن عدد الأشخاص الذين يعانون من الصدمات النفسية والإجهاد، بسبب النزاع المستمر، يُقدّر بنحو 7 ملايين شخص، أي ما يقرب ربع سكان اليمن. بينما يحتاج جميعهم إلى دعمٍ صحيّ نفسي، ولا يتمكن سوى 120 ألفاً فقط من الوصول المستمر للخدمات.
أما منظمة العمل ضد الجوع (AAH) فقد ذكرت أن أكثر من 8 ملايين يمني، يواجهون اضطرابات نفسية مثل الاكتئاب، واضطراب ما بعد الصدمة والفصام.
وبحسب الدراسات الاستقصائية التي أجرتها المنظمة والبيانات التي جمعتها، فإن استمرار الصراع والنزوح القسري وتدهور الوضع الاقتصادي والفقر ونقص الغذاء يؤدي إلى تفاقم الاضطرابات النفسية، التي تؤثر على جميع المجتمعات والفئات الاجتماعية في البلاد.
وأشارت المنظمة إلى أن ضعف الرعاية الصحية في البلاد يعد أحد عوامل مضاعفة هذه الاضطرابات، خصوصاً في جانب الرعاية النفسية، فإلى جانب حجم أزمة الصحة العامة، لا يوجد برنامج وطني للصحة النفسية في اليمن، و10% من مرافق الرعاية الصحية الأولية في البلاد فقط تمتلك كوادر مؤهلة لتحديد الاضطرابات النفسية أو علاجها.
وطبقاً لتقرير المنظمة فإن خوف العائلات على سمعتها من وصم أفرادها المصابين باضطرابات نفسية بالجنون، يتسبب في إعاقة وتأخير علاجهم في الوقت المناسب قبل تفاقم حالاتهم، إضافة إلى عدم الاهتمام بالصحة النفسية أو الثقة بالمهن ذات الصلة بقضايا الصحة العقلية، وهو ما يقلل من رغبة الطلاب في دراسة الطب النفسي والعقلي.
وأوردت دراسة أجرتها (مؤسسة التنمية والإرشاد الأسري) اليمنية، المتخصصة في الإرشاد النفسي، أنّ حوالي 19.5% من سكان اليمن كانوا يعانون من اضطرابات نفسية في 2017م.
وذكرت الدراسة أن “الشباب من الفئة العمرية بين 16 و30 سنة يشكلون نسبة 80% من إجمالي الحالات التي تعاني من أمراض عقلية ونفسية”.
ووفقاً للدراسة فإنّ أسباب الاضطرابات لدى السكان هي في الأساس نتيجة انعدام الأمن الغذائي أو البطالة أو الكوليرا أو الاعتقال التعسفي أو التعذيب أو الهجمات العشوائية أو ضعف الخدمات العامة الأساسية.
وفي التقرير السنوي حول الحالة العقلية للعالم خلال عام 2022م، الذي صدر عن منظمة (سابين لابس) الأمريكية، حلّت اليمن في المرتبة الـ46 من بين 57 دولة في مراتب الصحة العقلية.
وبحسب التقرير فإن 24.4% ممن شملهم البحث من اليمنيين يعانون صعوبات في التعامل مع ضغوط الحياة اليومية.
إلا أن التقرير لم يشر إلى علاقة الحرب والأوضاع المعيشية الصعبة التي تعيشها دول عدة، وبينها اليمن، بالاضطراب العقلي، وركز على تأثير عوامل أخرى مثل جائحة كورونا، والاستقرار الأسري، والمشاكل، ونقص الحب والدفء العاطفي أثناء الطفولة.
ووصف باحث في جامعة صنعاء النتائج الخاصة باليمن في تقرير (سابين لابس) بأنها غير دقيقة وموضوعية؛ لأن البحث أُجري عبر قنوات التواصل الإلكتروني وليست بالبحث الميداني، واستخدمت عينة من مستخدمي الإنترنت في اليمن، وهؤلاء يمثلون نسبة بسيطة من المجتمع اليمني، وغالباً هم أكثر قدرة على مواجهة الضغوط الحياتية من أولئك الذين لا يصلون إلى الإنترنت.
وتساءل الباحث في لقاء مع صحيفة (الشرق الأوسط): “أين ضحايا الحرب من هذا البحث؟. هناك من شاهدوا أهوال القصف والألغام وحصار المدن وقتل أقاربهم وأصدقائهم أمام أعينهم، وهناك ضحايا الاعتقالات التعسفية والاحتجاز والتعذيب، إلى جانب تأثير البطالة وانقطاع الرواتب وغلاء المعيشة”. وتابع بالقول: “البحث كان عمومياً ولم يراعِ خصوصيات دول كثيرة من بينها اليمن…”.
وقَدَّر الباحث نسبة الذين يعانون اضطرابات نفسية من المقيمين في المناطق الشمالية فقط بما يقارب ثلث السكان، وذلك من خلال اطلاعه على بيانات وتقارير محدودة لمنظمات وجهات رسمية ومستشفيات، إضافة إلى ما يلاحظه في الحياة اليومية.
بيانات صحية:
معدلات انتشار الاضطرابات النفسية (تقديرات الإستراتيجية الوطنية للصحة النفسية في اليمن):
اضطراب كرب ما بعد الصدمة: 45%.
الاكتئاب: 27%.
اضطراب القلق: 25%.
اضطراب الفصام: 18%.
اضطراب الرهاب: 4%.
حالات الانتحار في 2023م:
كشف تقرير أمني لوزارة الداخلية اليمنية عن تسجيل 148 حادث انتحار، و23 حالة شروع في الانتحار في 9 محافظات خلال العام الماضي 2023م.
وأشار التقرير إلى أن الأمراض والعاهات النفسية كانت سبباً في عدد من وقوع تلك الحالات، فيما كان ضعف الوازع الديني والأخلاقي سبباً في معظم حالات الانتحار المسجلة، مع توافر خلافات أسرية، وضعف تكوين الشخصية، وتدني مستوى الوعي والإدراك لعظمة الجُرم المرتكب في اللجوء لتلك الطرق في الهروب من مواجهة أعراض وقضايا الحياة ومشكلاتها.
عدد حالات الانتحار في كل محافظة:
محافظة تعز: 44 حالة.
محافظة مأرب: 25 حالة.
محافظة عدن: 24 حالة.
محافظة حضرموت: 18 حالة (10 في الوادي، و8 في الساحل).
محافظة شبوة: 15حالة.
محافظة أبين: 9 حالات.
محافظة الحديدة: 6 حالات.
محافظة الضالع: 5 حالات.
محافظة المهرة: حالتان.
عدد حالات الشروع في الانتحار:
محافظة عدن: 7 حالات.
محافظة تعز: 6 حالات.
محافظة مأرب: 3 حالات.
محافظة المهرة: حالتان.
محافظة الضالع: حالتان.
محافظة الحديدة: حالة واحدة.
محافظة شبوة: حالة واحدة.
محافظة حضرموت الساحل: حالة واحدة.
بيانات عن القطاع الصحي النفسي في اليمن:
(وفق الإستراتيجية الوطنية للصحة النفسية في اليمن 2022م – 2026م):
إجمالي الكوادر البشرية العاملة في خدمات الصحة النفسية: 319 عاملاً / 100,0000 نسمة.
إجمالي العاملين في مجال الصحة النفسية: 1 / 100,0000 نسمة.
الأطباء النفسيون:0.27/ 100,0000 (أي طبيب نفسي واحد لكل 400,000 نسمة).
أخصائيو علاج الدعم النفسي: 0.31/ 100,0000 (أي أخصائي نفسي واحد لكل 300,000 نسمة).
التمريض النفسي: 0.50/ 100,0000 (أي ممرض نفسي واحد لكل 200,000 نسمة).
أخصائيو التأهيل النفسي: 0.50/ 100,0000 (أي أخصائي تأهيل واحد لكل 900,000 نسمة).
المستشارون في الطب النفسي: 26 مستشاراً (25 ذكراً، 1 إناث).
الممارسون في الطب النفسي: 37 مما رس طب (29 ذكراً، 8 إناث).
المتدربون في الطب النفسي: 12 متدرب (9 ذكور، 3 إناث).
المعالجون النفسيون: 88 معالجاً.
التمريض النفسي: 141 ممرضاً.
مختصون تأهيل نفسي: 15 مختصاً.
خدمات الصحة النفسية في القطاع الحكومي:
إجمالي المنشآت الصحية الحكومية التي توفر خدمات نفسية: 0.07/ 100,000 (أي منشأة واحدة لكل 1,500,000 نسمة).
عيادات الطب النفسي الحكومية: 0.01 / 100,000 (أي عيادة واحدة لكل 7,400,000 نسمة).
عيادات الدعم النفسي الاجتماعي: 0.04 / 100,000 (أي عيادة واحدة لكل 2,300,000 نسمة).
المستشفيات النفسية الحكومية: 0.01 / 100,000 (أي مستشفى واحد لكل 1,500,000 نسمة).
عدد أسرة الرقود لحالات الاضطرابات النفسية في المستشفيات النفسية الحكومية: 1.9 / 100,000 (أي سرير واحد لكل 51,000 من نسمة)
الأجهزة الطبية والاختبارات النفسية للمشكلات والاضطرابات النفسية:
المتوفر من الأجهزة الطبية في المنشآت الصحية الحكومية: 17% من الاحتياج.
المتوفر من الاختبارات النفسية في المنشآت الصحية الحكومية: 17% من الاحتياج.
توفر الأدوية النفسية والخدمات النفسية:
الخدمات النفسية: 33%.
الأدوية النفسية: 19%.
خدمات الصحة النفسية في القطاع الخاص:
الكوادر: 48% من كادر الصحة النفسية.
عدد المستشفيات الخاصة: 3.
عدد الأسرة فيها: 173.
التجهيزات: 13%.
الأدوية: 56%.
مراكز نفسية خاصة: 11.
عدد الأسرة فيها: 53.
عيادات نفسية خاصة: 16.
بيانات أخرى:
في عام 2019م أجرت (منظمة إنقاذ الطفولة) دراسة استهدفت فهم مدى تأثير الحرب في اليمن على الصحة العقلية للأطفال، وأفادت بأن “اليمن يضم طبيبين نفسيين اثنين فقط لعلاج الأطفال، وهناك ممرضة واحدة متاحة للصحة النفسية لكل 300 ألف شخص”. وأظهرت الدراسة أيضاً أن 52% من أطفال اليمن لا يشعرون بأمان أبداً عندما يكونون بعيدين عن والديهم. وفي تعز التي سجلت أعلى نسبة من ضغوط ما بعد الصدمة، أفاد الآباء بأن أطفالهم يشعرون بحزن واكتئاب في شكل دائم.
الدعم الدولي:
أعلنت المنظمة، في 13 نوفمبر 2022م، إطلاق استراتيجية وطنية للصحة النفسية في اليمن “تهدف إلى الحدّ من العبء المتزايد من تفاقم الاضطرابات النفسية مع استمرار الحرب.. والاقتصاد المنهار اللذيْن تسببا في شل المرافق الصحية، وتفاقم الأمراض النفسية التي تؤثر في كل فئات المجتمع.
وخصص صندوق الأمم المتحدة للسكان جزءاً من التمويل، الذي حصل عليه من الوكالة الأميركية للتنمية، لصالح أنشطته في اليمن، والمقدر بـ23 مليون دولار، لتوفير خدمات الدعم النفسي الاجتماعي في 14 مستشفى و4 عيادات متنقلة، إضافة إلى دعم 20 مساحة آمنة للنساء والفتيات لتقديم الرعاية النفسية.
ويقدم صندوق الأمم المتحدة للسكان الدعم إلى 6 مراكز مماثلة للصحة النفسية في اليمن بتمويل من كندا وإدارة المساعدات الإنسانية التابعة للمفوضية الأوروبية والنرويج ومكتب المساعدات الإنسانية التابع للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.
وصلت خدمات الدعم النفسي الاجتماعي التي تحظى بالدعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان في اليمن إلى أكثر من 100,000 شخص في عام 2023م، وكان ثلاثة أرباع المرضى من الناجين من العنف القائم على النوع الاجتماعي.
ــــــــــــــــــــــ
المصادر:
* الإستراتيجية الوطنية للصحة النفسية في اليمن 2022- 2026م. وزارة الصحة العامة والسكان ومنظمة الصحة العالمية.
* التقرير السنوي الثالث للحالة العقلية في العالم 2024م، منظمة سابين لابس الأمريكية.
* صندوق الأمم المتحدة للسكان، 16 نوفمبر 2023م:
https://yemen.unfpa.org/ar/news/%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A9-%D8%B9%D8%A8%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%81%D8%B3%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%81%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%85%D9%86
* موقع منظمة الصحة العالمية، ٨ يناير 2024م:
https://www.emro.who.int/ar/2023-arabic/the-silent-struggle-yemens-mental-health-crisis.html
* صحيفة (الشرق الأوسط)، 31 مارس 2024م:
https://aawsat.com/home/article/4245971/%D8%AA%D9%82%D8%B1%D9%8A%D8%B1-%D8%AF%D9%88%D9%84%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%85%D9%86-%D9%81%D9%8A-%D8%A3%D8%AF%D9%86%D9%89-%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%AA%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%82%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D9%85%D8%B3%D8%AA%D9%88%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85
* صحيفة (الشرق الأوسط)، 5 أبريل 2024م:
https://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/4950701-%D9%85%D9%86%D8%B8%D9%85%D8%A9-%D8%AF%D9%88%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D8%B1%D8%A8%D8%B9-%D8%B3%D9%83%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%85%D9%86-%D9%8A%D8%B9%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B6%D8%B7%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%81%D8%B3%D9%8A%D8%A9
* صحيفة (العربي الجديد)، 14 أكتوبر 2022:
https://www.alaraby.co.uk/society/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A8-%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%82%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B6%D8%B7%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%81%D8%B3%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%85%D9%86-%22%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B2%D9%86-%D8%B9%D8%A7%D9%85%D9%84-%D9%85%D8%B4%D8%AA%D8%B1%D9%83%22
* صحيفة (العربي الجديد)، 31 يوليو 2023م:
https://www.alaraby.co.uk/society/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%81%D8%B3%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%86%D8%A7%D8%A9-%D8%BA%D9%8A%D8%B1-%D9%85%D8%B1%D8%A6%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D9%84%D9%8A%D9%85%D9%86%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D9%87%D8%A7%D9%85%D8%B4-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A8
* موقع (العربية نت)، 11 أكتوبر 2023م:
https://www.alarabiya.net/arab-and-world/yemen/2023/10/11/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%B6-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%81%D8%B3%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%B2%D8%A7%D8%AD%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%B5%D8%A7%D8%B5-%D9%81%D9%8A-%D9%82%D8%AA%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%85%D9%86%D9%8A%D9%8A%D9%86
* صحيفة (الأيام)، 27 يناير 2024م:
https://www.alayyam.info/news/9P00ISQW-8S2IZ3-9EDD
* موقع (يمن واتشر)، 29 نوفمبر 2023م:
https://www.yemenwatcher.org/post/mentalhealthinyemenneedsfundamentalimprovements
* موقع (الساحل الغربي) الإخباري، 27 يناير 2024م:
https://alsahil.net/news30543.html